[ 3 ] الحرب الروحية الوحدة الرابعة مسئولية المسيحي
[ 3 ] الحرب الروحية الوحدة الرابعة مسئولية المسيحي
[3] الحرب الروحية
v هدف
الدرس:
ـ مع نهاية الدرس يدرك التلميذ:
[1] معنى الحرب الروحية.
[2] منْ هو عدونا؟
[3] أنواع الحروب
الروحية، وكيفية الانتصار فيها.
[4] أسلحة الحروب
الروحية وكيفية استخدامها.
*********************************************
الأسئلة
الافتتاحية
ü
هل مطالبة الله
بالانتقام من المختلفين معنا من البشر يعتبر مرضياً أمامه؟
ü
من وراء الصراعات
اليومية بين بعضنا البعض؟
ü
هل فكرت يوماً من هو
عدوك الحقيقي؟
ü
هل الشيطان كيان كائن فعلاً
أم أسطورة؟
ü
هل هناك أنواع من
الحروب يشنها علينا العدو؟ وهل لديه أغراض معينة من تلك الحروب؟
ü
هل الحرب مع العدو
قائمة ومستمرة علينا ؟
ü
هل الأسلحة التي
أعطاها الرب لنا كافية لصد هجمات العدو؟
الحرب
الروحية
v قراءات
كتابية:
(خروج14:
14، 17: 6& تثنية3: 22& نحميا4: 20& مزمور37: 3، 46: 9، 56: 1، 120:
7، 144: 1& أمثال21: 31& إرميا1: 19& أعمال الرسل26: 18& كورنثوس
الثانية10: 3، 4& أفسس6: 10ـ 18& تيموثاوس الأولى3: 6& بطرس الأولى2:
11)
v آيات
مؤثرة:
"أَمْ كَيْفَ
يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ،
إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟ "
(متى12: 29)
"فَإِنَّ
مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ
السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ
أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ."(أفسس6: 12)
"اُصْحُوا وَاسْهَرُوا.
لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ
يَبْتَلِعُهُ هُوَ." (بطرس الأولى5: 8)
"هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ
سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ،
وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ" (لوقا10: 19)
معنى الحرب الروحية
"الحرب" هي حالة
ممارسة العداوة والمقاومة بين طرفين هم بالتأكيد مختلفين ومتضادين في أمور هامة
مثل: الطبيعة أو الأصل أو المبادئ أو الأهداف أو الأعمال أو النوايا، والقصد منها
دائماً هو إحداث الضرر أو تعطيل أعمال وأهداف وخطط كل طرف للآخر "لِذلِكَ
أَرَدْنَا أَنْ نَأْتِيَ إِلَيْكُمْ أَنَا بُولُسَ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ.
وَإِنَّمَا عَاقَنَا الشَّيْطَانُ."(تسالونيكي الأولى2: 18)
وأما كونها حرب "روحية" فذلك
لأنها بين المؤمنين بيسوع المسيح ـ الذين نالوا به حياة روحية وأبدية ـ وبين
الشيطان، وهو "روح" ومعه أيضاً أرواح شريرة كثيرة لا تعمل إلا في اتجاه
الشر والفساد والباطل، وبالتالي فهي ليست حرب منظورة بمفهومنا عن الحرب، بل هي غير
منظورة.
"إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ
وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ،«فَلْنَأْكُلْ
وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ!»."(كورنثوس الأولى15: 32)
والواقع أنها صراع بين مملكتين وهما:
ملكوت الله ومملكة الظلمة، وهو أصل كل الصراعات في الحياة "شَاكِرِينَ الآبَ
الَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ، الَّذِي
أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ
مَحَبَّتِهِ." (كولوسي1: 12، 13)
ـ حروب العهد القديم
إن كل الحروب المكتوبة في
العهد القديم كانت حقيقية تماماً، ولكنها كانت ظلاً أو رمزاً لجميع
الحروب الروحية التي بين أولاد الله (في العهد الجديد) والشيطان، بدليل أننا لا
نجد إطلاقاً أي ذكر لحرب بالمعنى المنظور في أسفار العهد الجديد بين المؤمنين أو
الكنيسة مع المقاومين للإيمان بالمسيح.
ومن ناحية آخري، فإن رجال
الله وشعب الله في العهد القديم حين كانوا يدخلون أي حرب بالصورة المنظورة فإنهم
في الواقع الروحي كانوا يحاربون الشيطان وأرواح الشر التي هي أساس العبادات
الوثنية، والتي كانت تستخدم الشعوب الأخرى لتدنيس الأرض بتلك العبادات ومضايقة شعب
الله القديم أو القديسين الحقيقيين في الأرض، فهي كانت تجمع إذن بين الحرب
المنظورة وغير المنظورة أيضاً.
من هم أعدائنا؟
ـ مبدأ أولى
رغم أن الكثير من البشر
يعتبرون أنهم في معركة مع بشر آخرين، فيصارعونهم ويحاربونهم ويقضون حياتهم في
صراعات لا تنتهي ولا تحقق شيئاً.
1) لكننا من واقع كلمة الله
ـ وهى الأصدق ـ نفهم أن عدونا ليس هو أي شخص مختلف معنا في الرأي، ليس هو شريك
الحياة، ولا رئيسنا في العمل، ولا المختلف معنا في العقيدة الدينية، ولا حتى من
يسرقنا أو يسبنا أو يزعجنا أو يفتري علينا، إنما عدونا الوحيد والحقيقي هو الشيطان
وأرواح الشر التابعة له، وهذا هو قول الوحي المقدس: "...مُصَارَعَتَنَا
لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، (أي الرياسات الشيطانية)
مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ
أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ." (أفسس6: 12)
"...إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ..."
(بطرس الأولى5: 8)
فعدونا هو عرفنا به الرب
يسوع نفسه حين قال: "وَالْعَدُوُّ...هُوَ إِبْلِيسُ..." (متى13: 39)
وحربنا معه ليست أرضية جسدية بل على مستوى السماويات.
2) علمنا الرب يسوع بكل وضوح
أن نحب أعداءنا، ونبارك من يلعنونا، ونُحسن إلى مُبغضينا، ونصلى لأجل الذين يسيئون
إلينا ويطردوننا " وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا
أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا
لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،" (متى5: 44)
إن "أعداءنا" في هذا الجزء الرئيسي
جداً من تعاليم المسيح ليس هم الناس الذين يعادوننا ويلعنوننا،... بل هم يفعلون
ذلك بسبب ابليس الذى يدفعهم لهذا فليس لنا أي معادة مع البشر، لأن أولاد الله
الحقيقيون ليسوا بأي حال من الأحوال هم أعداء لغيرهم، مهما كان هؤلاء الذين يعادون
أولاد الله الحقيقيين، فنحن نحب كل إنسان في الوجود، قريباً أو بعيداً، وبلا تفرقة
أو تحيز.
v الشيطان (إبليس)
الشيطان وهو بالعبرية (في
العهد القديم): "شطن" ومعناه الخصم أو المقاوم، وتأتى نفس كلمة الشيطان
في اللغة اليونانية (في العهد الجديد): "ديمون" وتفيد المعرفة أو
الذكاء. والحقيقة أن كل من المعرفة أو الذكاء قد صارا عبارة عن دهاء، كما نلاحظ أن
الذكاء عند البعض قد تحول إلى مكر.
"وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو
اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي
وَسْطِهِمْ." (أيوب1 :6)
أما كلمة "إبليس"
وهو اسم آخر من أسماء العدو، فهي من أصل يوناني ويعني المشتكي أو الواشي "وَسَمِعْتُ
صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلاً فِي السَّمَاءِ:«الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا
وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ
الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ
إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً."(رؤيا يوحنا12: 10)
ولكي نتعرف علي الشيطان
عدونا علينا أن نتعرف عليه أولاً من أسماءه، فإن الاسم يدل على الشخصية.
أسماء الشيطان
إن أسماء الشيطان واضحة، ولا
تحتاج إلى تفسير لأنها تعبر عن طبيعته، وعما يضمره لأولاد الله والبشرية أيضاً من
سوء. وهذه الأسماء هي:
1.الحيَّة
(تكوين3& كورنثوس الثانية11: 2& رؤيا يوحنا12: 9، 20: 2)
2.الشرير [في اليونانية تعنى المدمر]
(متى5: 37، 6: 13، 13: 9، 38& يوحنا17: 15& أفسس6: 16&
يوحنا الأولى2: 14، 3: 12، 5: 18، 19)
3.المُضِل (يوحنا الثانية : 7& رؤيا يوحنا12: 9، 20: 3، 8)
4.الخصم (بطرس الأولى5: 8)
5.بليعال [ومعناها: اللئيم وعديم الفائدة] (كورنثوس الثانية6: 15)
6.التنين [حيوان هائل مخيف] (رؤيا يوحنا12: 3، 4، 9&...)
7.المُجرِِّب [أي المحاول إسقاطنا في الفخ] (متى4: 3& تسالونيكي الأولى3:
5)
8.بعلزبول [إله الذباب ـ ويعرفه اليهود بأنه إله القذارة] (لوقا11: 15)
9. السارق (يوحنا10:10)
10.القتاَّل (يوحنا8: 44)
11.
الكذاب [وأبو الكذاب]
(يوحنا8: 44)
12.
المُهلِك (رؤيا يوحنا9: 11)
13. رئيس هذا العالم [أي سيد كل نظام زائف وأخلاقيات زائفة] (يوحنا12: 31، 14:
30، 16: 11)
14. رئيس سلطان الهواء (أفسس2:2)
15. إله هذا الدهر [أي الروح المتحكم في غير المؤمنين](كورنثوس
الثانية4:4)
v
هل الشيطان كيان كائن
فعلاً؟
لقد أشار الكتاب المقدس إلى الشيطان أكثر من
مائتي مرة. والمواقف الآتية ستقودنا إلى الإجابة:
ـ في (أيوب1،2) نري الشيطان
يمثل أمام الله ويشتكى على أيوب الصديق.
ـ في (أخبار الأيام الأولى21
:1) "وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ...، وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ.".
ـ في (متى4: 1 ـ 11) نري
الشيطان يُجرِّب المسيح.
ـ في (لوقا10: 18) يعلن
المسيح رؤية عن سقوط الشيطان.
ـ في (لوقا22: 31) يكشف
المسيح عن طلب من الشيطان بأن يستلم التلاميذ ليغربلهم كالحنطة.
ـ في (كورنثوس الثانية2: 11)
يؤكد بولس الرسول أن الشيطان له أفكاره.
ـ في (تيموثاوس الثانية2:
26) يؤكد بولس الرسول أن الشيطان له إرادة.
إذن الشيطان كائن أو كيان
حقيقي وليس خيال أو نوع من أنواع الظنون. وهو عدو لدود، ولذلك يجب أن يفهم كل واحد
من الذين آمنوا بيسوع المسيح أن الشيطان صار عدو شخصي له.
v هل الله هو الذي خلق الشيطان؟
إن الله إله قدوس وبار منذ
الأزل وإلى الأبد، وهو خالق أمين في عمل الخير "...كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي
عَمَلِ الْخَيْرِ." (بطرس الأولى4: 19)، فهو لم يخلقه شيطاناً، بل خلق ملائكة
نورانيين ومقدسين، وخلق رؤساء ملائكة عظام في النور والقداسة والجمال، ولكن واحداً
من هؤلاء الرؤساء المميزين جداً ومعه عدد من الملائكة الأقل رتبة منه، حينما رأوا
السيد الرب جالساً على كرسي عرشه ومجده وسلطانه في غاية العظمة، فكر هذا الرئيس،
أن ينتقل ليكون له كرسي بجانب العرش الإلهي، وبالتالي يكون له الإكرام والمجد
والسلطة والعبادة الذين لـ "الله" ذاته، والملائكة الأقل منه في الرتبة، والذين معه شجعوه على هذه
الفكرة والخطوة المتكبرة.. ومن هنا فقد سقط هذا الرئيس ومن معه، أي طُرد من مركزه
وسلطانه ففقدهما، وتغير تماماً من كائن ملائكي وله الكثير من الجمال والكمال إلى
كائن شرير مظلم ومحكوم عليه بالهلاك الأبدي هو والذين أيدوه، لأنه ردد في قلبه هذه
الفكرة السوداء، ولأنها نبعت منه ذاتياً بدون أي مؤثرات خارجية.
وهذه هي حقيقة وجود الشيطان، فالذي خلقه أصلاً
هو الله العظيم، لكن لم يخلقه شيطاناً، إنما هو الذي فعل هذا بنفسه، والوحي المقدس
يشهد بذلك "غَيْرَ حَدِيثِ الإِيمَانِ لِئَلاَّ يَتَصَلَّفَ فَيَسْقُطَ فِي
دَيْنُونَةِ إِبْلِيسَ." (تيموثاوس الأولى3: 6)
v وصف الوحي عن الشيطان
حين نقرأ في (إشعياء14: 4 ـ
17& حزقيال28: 11ـ 19) سوف نجد كلمات وعبارات غريبة تطلق على ملك مدينة
"بابل" وملك مدينة "صور". لقد كانت "بابل" قديماً
رمزاً للعبادة الوثنية أما "صور" فكانت رمزاً للمادية أو العالم المادي.
وحين يصف الوحي هذين الملكين نجد انه يصفهما بأنهما كانا قريبين جداً من عرش الله،
وهذا لا يمكن أبداً أن ينطبق على أشخاص موجودين على الأرض.
وفي إطار المشهد الذي يصور
كل منهما نرى كروبيم كان يظلل العرش الإلهي ـ و"كروب" هي كلمة عبرية معناها: "ملاك حب
لطيف"، وأن اسمه "زهرة بنت الصبح"، أي كوكب صبح لامع أو مضئ، وأن
لأعواده رنين خاص ومميز مما يدل على قائد أنه كان تسبيح عظيم، وأن تركيبته مبهرة
من كثرة الأحجار الكريمة وتنوعها التي يتغطي بها، ولكنه تكبر وسقط.
إن ملك "بابل" وملك "صور"
هما رمزين لشخصية واحدة وهي "الشيطان" وهو كمطرود من مركزه في محضر الله
فإن له وجوداً في ثلاث مناطق:
الأولى: السماء ـ لكن ليس
محضر الله ـ فهو يُسمى رئيس سلطان الهواء "الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً
حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ
الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ." (أفسس2:2)
والثانية: العالم والأرض إذ يسمى رئيس هذا العالم ـ ولكنه ليس الرئيس المطلق.
"...لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ
يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ." (يوحنا14: 30)
"فَقَالَ الرَّبُّ
لِلشَّيْطَانِ:«مِنَ أَيْنَ جِئْتَ؟». فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ
وَقَالَ:«مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا»."
(أيوب1: 7)
والثالثة: الهاوية حيث موضع عذاب أرواح غير المؤمنين "لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ
إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ." (إشعياء14: 15)، وهو يزورها
ولكنه لا يتعذب فيها الآن، وذلك لأن طبيعته والعذاب هما واحد، ولكنه يوماً ما بعد
انتهاء الحياة على الأرض يقول الكتاب أن: "...إِبْلِيسُ الَّذِي كَانَ
يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ
الْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارًا وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ الآبِدِيـنَ."
(رؤيا يوحنا20: 10)، فتاريخ الشيطان موجود في الأسفار المقدسة، أما خلاف ذلك فكلها
خرافات وأساطير خيالية لا تمت لحقيقة الشيطان بصلة ما.
v لماذا يحاربنا الشيطان؟
الحقيقة أن الشيطان قد نصَّب
نفسه " مقاوماً " لكل خطط " الله " ولكل أولاد
"الله". وأسباب هذه المقاومة هي:
أ ـ لإغاظة الرب
إننا قد صرنا أولاداً لـ
الله بقبولنا يسوع المسيح مخلصاً لنفوسنا، ولأن من أكثر ما يؤلم الله كأب أن يري
أبناؤه يتألمون أو يخطئون، لذلك يحاربنا الشيطان لكي نتوجع ونتعثر ونخطئ إلى الله
فيعاير الرب، وهل يملك الشيطان كل السلطان لكي يحدث هذا معنا؟ بالطبع لا.. لكنه
يستغل أي ضعف إيمان أو رخاوة في التمسك بالحق، ومن هنا يوجه لنا سهامه الشريرة
المسمومة أيضاً. لكن ماذا يقول الوحي عن مثل هذه الأمور: "الشِّرِّيرُ ـ
والمقصود الشيطان حتى لو كان يستخدم نفوساً في أحداث الشر ـ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ
الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ. الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ
رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ! الأَشْرَارُ قَدْ سَلُّوا السَّيْفَ وَمَدُّوا
قَوْسَهُمْ لِرَمْيِ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ، لِقَتْلِ الْمُسْتَقِيمِ
طَرِيقُهُمْ. سَيْفُهُمْ يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِمْ، وَقِسِيُّهُمْ تَنْكَسِرُ."
(مزمور37: 12 ـ 15) ولماذا يضحك الرب ولا يغتاظ؟ لأنه يعلم كيف يسند أولاده
ويحفظهم ويعطيهم قوة فوق قوة، ويعرف كيف يحميهم وينقذهم، وحتى إن ضعف أحدنا فهو
يعلم كيف يقيم الذي سقط ويثبته ويجعله يأخذ درساً جيداً للمستقبل، ولهذا يقول
الوحي: "يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ،..."
(بطرس الثانية2: 9)
ب ـ لحقده على الإنسان
إن ما منحه الله للإنسان من امتيازات ونِعَّم يعتبر عظيماً
جداً فمن ضمن ذلك:
1 ـ إن الإنسان خُلِق على
صورة الله ومثاله، أي صار من المقربين جداً لجلاله "فَخَلَقَ اللهُ
الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى
خَلَقَهُمْ." (تكوين1: 27) بينما الشيطان لم يُخلق على صورة الله، رغم إن
صورته قبل السقوط كانت رائعة.
2ـ إن الإنسان أُعطي له
سلطاناً على الأرض "وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا
كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ
وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ
الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ»." (تكوين1: 26)، بينما الشيطان بسقوطه فقد
أي امتياز أو سلطان كان له.
3ـ إن الله قد افتقد الإنسان بصنع فداء له لكي يسترده مرة آخري بعد
العصيان، فالإنسان بتوبته وإيمانه بالرب يسوع المسيح يعود ابناً لـ
"الله"، بينما الشيطان لا توجد أي فرصة له للتوبة أو استرداد حالته
الأولى.. أي لا رجاء له إطلاقاً، إذ لم يكن هناك أي مؤثر خارجي عليه لكي يسقط بل
نبع الكبرياء من داخله، أما الإنسان فإن الشيطان الذي تكلم في "الحية"
كان هو المتسبب في سقوط الجنس البشري "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ
فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ
بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ،
وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ." (يوحنا1: 12، 13)
4 ـ أن الإنسان قبل الإيمان
بالمسيح كان يسمع للشيطان ويستجيب لكل نداءاته ويفعل الشر الخفي أو الظاهر أو
كليهما، كنا نكذب، أو نسب، أو نسرق، أو نخون، أو نكره، ولكن لما تحرر الإنسان من
سلطان إبليس المسمي بسلطان الظلمة وارتبط بملكوت الله فقد خرج من تحت يده، إذ انضم
إلى صفوف القديسين، فمن الطبيعي أن فقدان الشيطان لأي إنسان من تحت يده يصنع له
أزمة عنيفة.
5ـ أن الإنسان قد نال مكانة
سماوية، رغم انه لا يزال موجوداً على الأرض، إذ يقول الوحي إن الله: "...َأَقَامَنَا
مَعَهُ، ـ أي مع المسيح ـ وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي
الْمَسِيحِ يَسُوعَ،" (أفسس2: 6)، فهذا هو مركزنا الجديد والعظيم من خلال
يسوع المسيح، أما الشيطان ففقد مركزه العالي، وأصبح يرن في أذنيه الصوت الذي يقول
له: "أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ... انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى
أَسَافِلِ الْجُبِّ." (إشعياء14: 11، 15) فالشيطان قد حُكم عليه بالهبوط،
والإنسان بعمل النعمة قد ارتفع.
6ـ لتمتع الإنسان المؤمن
بمجد الله، فيفرح بالرب ويسبحه، ويمتلئ من الروح القدس، ومن ثمر ومواهب الروح
القدس، بينما الشيطان الذي كان رئيس تسبيح للرب وكيانه كله عبارة عن آلات تسبيح قد
طُرد من هذا المحضر الجليل، ولم يعد له مكاناً فيه.
من أجل هذا.. يحقد الشيطان
على الإنسان، ويحاول بشتى الطرق أن يبقيه بعيداً عن معرفة المسيح لكي يظل الإنسان
تحت سيطرته ويشاركه في كل أعماله السوداء، أما إذا اختبر الإنسان المسيح وتمتع
بالغفران والخلاص فإنه يظل يشن عليه حروباً متنوعة لعله يسقطه ويعود يأسره، ولهذا
يجاهد المؤمن الحقيقي لكي يكون دائماً بين يدي الرب يسوع، ويستطيع أيضاً أن يمجد
الرب في حياته.
إذاً لا نستغرب أن يقوم
الشيطان بمحارباتنا بكل الطرق وفي أوقات ومناسبات كثيرة، ولكن بمن يحاربنا
الشيطان؟ بأرواح الشر التي سقطت معه.
موضع مملكة الظلمة
يعرفنا الوحي المقدس أننا في
صراع روحي ضد عالم إبليس: "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ
وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ
عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي
السَّمَاوِيَّاتِ." (أفسس6: 12)
إن تركيبة هذا العالم غير
المرئي عموماً هي بهذه الصورة التوضيحية:
الآب
1) الله [الكائن الأعلى] الابن
الروح القدس
الكاروبيم
الساروفيم
2) الأرواح الملائكية
المقدسة خلائق حية عظيمة
رؤساء
الملائكة
الملائكة
الشيطان (إبليس)
شياطين رؤساء
3) مملكة الظلمة شياطين سلاطين
ولاة
أرواح (أجناد) شر
إن كل مملكة الظلمة هي في
حالة حرب ضدنا، ولا يجب أن ننسي هذا أبداً، ولكننا سنكتفي الآن بدراسة حرب أرواح
(أجناد) الشر الروحية التي هي مخصصة (موظفة) ضد الأفراد.
أرواح الشر وأنواعها
تسمى بهذا الاسم نظراً لأن
طابعها العام هو الأذى والتعطيل والتخريب والتدمير ونشر الفوضى والاضطراب (متى8:
28& مرقس5: 4، 5& أعمال الرسل19: 12 ـ 16) وأنواعها:
1ـ أرواح نجاسة: تملا
الإنسان بالنجاسة بكل أنواعها: النجاسة الجنسية ـ النجاسة اللفظية ـ النجاسة
الحركية ـ نجاسة القبور (المليئة بالعفونة) (متى10: 1& مرقس5: 13& أعمال
الرسل5: 16).
2ـ أرواح الضلال: تبث
تعاليم مراوغة تثير الإعجاب لدي الناس، لكنها تقودهم لمتاهات ثم الهلاك. (تيموثاوس
الأولى4: 1& يوحنا الأولى4: 6& رؤيا يوحنا12: 9)
3ـ أرواح الخرس والصمم
والعمى: تفقد الإنسان إمكانية النطق أو السمع أو الإبصار (مرقس9: 17، 25&
متى9: 32، 33)
4ـ روح ضعف: تسبب
الانحناء (لوقا13: 11)
5ـ روح عرافة: تنقل
للإنسان معرفة أحداث من على بعد (أعمال16: 60)
6ـ روح زنى: تقود
الإنسان إلى كسر العهد مع الرب، والذهاب وراء آلهة أخرى أو عبادات وديانات أخرى
(هوشع4: 12)
7ـ روح تسلط: تضع
جبروتاً في إنسان فيتحكم في مصير آخرين ولا يقدرون أن يواجهوه (جامعة10: 4)
هذه الأرواح تسكن
بالفعل في أجساد أناس يخضعون لها تماماً، أو تقيد أناس في الحياة ولكنها لا تقدر
أن تسكن في أجساد أولاد الله أنما تحاربهم وتحاول أن تجذبهم لكي تهدمهم وتفسد
عليهم إيمانهم.
v وعود الرب بالحماية
لكن ما أعظم وعود الرب لنا
بالحماية والمؤازرة مثل:
"يَا رَبُّ السَّيِّدُ،
قُوَّةَ خَلاَصِي، ظَلَّلْتَ رَأْسِي فِي يَوْمِ الْقِتَالِ." (مزمور140: 7)
"خِرَافِي تَسْمَعُ
صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً
أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ
يَدِي." (يوحنا10: 27، 28)
"وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ
الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ."(كورنثوس
الأولى15: 57)
أنواع الحروب
إن عدونا كيان روحي لا ينام
ولا يحتاج حتى للغفوة، ولأنه خسر وسيخسر، لذلك هو لا يكف عن مقاومة ومضايقة أبناء
الله بكل أنواع الحروب المفتعلة والتي يجاهد كثيراً لعله يغلب فيها فيشعر بالتشفي
بالمقارنة بما خسره، لذلك في كل مرحلة وحسب دراسته لكل شخصية من أولاد الله يشن
عليهم نوع الحرب التي يراها مناسبة لعله يغلبهم وهو يوجهها إلى:
1)
المشاعر: فهو يحاول إما أن يجرح مشاعرنا أو يدنسها من خلال استخدامه لأشخاص قد
يكونوا قريبين منا أو على بعد ما.
2)
الذهن: إن حربه ضد أذهاننا هو بالتشويش عليها، وزعزعتنا فكرياً من جهة المبادئ
المسيحية.
3)
الجسد: ويقوم العدو بمحاربته أو محاولة محاربته بالأمراض التي تُشعر الإنسان
بالضعف والعجز.
ولذلك يجب التعرف على أنواع
الحروب لكي نفهم كيف نحاربه نحن، ولا نقف فقط عند حد الدفاع عن أنفسنا.
[1] التضليل
هو إدخال العدو للباطل
بإسلوب الخداع، بحيث تكون هناك صورتين: ظاهرية أو صوريه لما هو حسن، وباطنية وخفية
لما هو ضد الرب وضد أرادته وفكره، وهذا الإسلوب الشيطاني يأتي تدريجياً بحيث يقبله
الإنسان منخدعاً ثم مخادعاً ويضطر أن يواصل في طريق الضياع.
المثال:
ـ صنع الشعب عجلاً مسبوكاً
من الذهب وقيامهم بالسجود له وتقديم الذبائح تعبدً له (خروج32: 1ـ 8) والسبب
الظاهري لذلك هو إن "موسي" النبي قد تأخر في نزوله من على جبل الله
حوريب ولا علم لهم بما حدث له، ولابد من وجود إله واضح المعالم أمامهم، ولأن عبادة
العجل في مصر قديماً كانت شائعة، لذلك صور لهم الشيطان أنهم في حاجة لوجود إله لهم
على الصورة السابقة التي كانوا يرونها في أرض مصر، ولأنهم بذلك صارو شركاء مع
إبليس في هذا الفكر والاتجاه فقد جاء عليهم تأديب سريع، لأن تغيير الله الذي هو
مجدهم بإله مخلوق هو قمة الفساد والباطل، فظاهرياً هو حل لمشكلة القلق الذي
اعتراهم، وباطنياً هو إبعادهم عن الله تماماً.
ولقد قام موسي بحرق هذا
العجل وطحنه حتى صار ناعماً، حتى لا تكون هناك آلهة أخرى موجودة في حياة شعب الله
تنفيذاً لأول وصية: "«أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ...لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ
أُخْرَى أَمَامِي." (خروج20: 3). إن فهم هذا [الحق] يجعلنا نحرق وندوس
على أي آلهة أخرى مهما كان لها بريق الذهب كالعجل الذهبي الذي عمله الشعب ليعبدوه.
ـ وفي زمن الرسل بعد أن
انتشرت البشارة واختبر الكثيرين نعمة الله المجانية من خلال عمل المسيح وذبيحته
الكفارية، فإن نفوساً قد أثر عليها إبليس لتعود مرة أخرى إلى عصر موسي وشريعة
العهد القديم، وبالتالي يكون محور الاهتمام هو الفرائض وحفظ الأعياد القديمة وهلال
أول الشهر وحفظ السبت وتحليل أو تحريم أطعمة، وهى أمور كانت في العهد القديم
وانتهى وقت العمل بها."فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ
شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ،" (كولوسي2: 16)،
ولذلك قال بولس الرسول لأمثال هؤلاء: "...مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ
تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ
يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا!".(غلاطية3: 1) وقد كان واضحاً
أنها حرب شيطانية للتضليل والعودة من الحق المعلن بكل وضوح وسلطان إلى ماضٍ انتهى،
ولذلك استلزم الأمر من بولس أيضاً إعادة إعلان [الحق] للقضاء على مثل هذا
التضليل، إذ ما المنفعة إن كان التلميذ يدرس منهج تعليمي انتهى وقت العمل به على
ضوء مجئ منهج جديد.
[2] الإغراء
هو قيام العدو بلفت انتباه
الإنسان إلى شئ مثير، وجعله يري فيه لذة أو فرحة وقتية للنفس وللجسد، بحيث يشتهي
الإنسان هذا الشئ متجاوزاً الحدود التي فهمها من كلمة الله، والتي تقول له: لا، أو
ليس بهذه الطريقة.
المثال:
أ ـ هو شخصية
"يوسف" الصدِّيق. ففي سفر التكوين39: 1ـ 15يذكر لنا الكتاب المقدس أن
يوسف تعرض لإغراء ممارسة الجنس مع امرأة فوطيفار، حيث أنها هي التي طلبت منه ذلك،
وكان يوسف شاباً غريباً بلا أسرة ولا عائلة وفي سن حرج، كما كان الأمر مُتيسر جداً
له، بالإضافة إلى أنها كانت تلح عليه في ذلك "...كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا
فَيَوْمًا..."(تكوين39: 10) ولكنه رفض تماماً وأصر على الرفض، ونتيجة ذلك
افترت عليه واتهمته بأنه هو الذي أراد عمل تلك الخطيئة، ودخل السجن بسبب تزويرها
للحقيقة، لكنه لو استجاب لها لانتهى إلى مرارة إغضاب الله وبالتالي فقدان الرؤية
والامتيازات التي نالها بعد ذلك من الرب، ولكنه حافظ على نفسه بكونه قد أعلن عن
هيبة الله.. وهذا هـو [البر] الذي نحفظ به أنفسنا.
ب ـ شخصية داود النبي الذي
جاء عنه: "وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، وَأَغْوَى دَاوُدَ
لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ." (أخبار الأيام الأول21: 1)، وغالباً كان القصد من
هذه الهجمة الشريرة على الشعب القديم من خلال إغواء "داود" النبي أن
يتباهى ويزهو بعدد الرجال لديه، وأن يشعر بكفاية وجودهم معه ويتكل على العدد وليس
على الرب، وكون الإنسان يتكل على ذاته أو حتى على الناس فهذا يعتبر فقدان الاتكال
على الرب وحده.. وهذا إثم أو عدم [بر].
وحرب الإغراء هذه هي حرب يتسلل فيها العدو إلينا
من خلال تصور معين يضعه أمام الإنسان لكي يجعله يسقط ويعثر، وإذا استجاب الإنسان
لغواية الشيطان فإن النتائج تكون مُرة جداً جداً.
[3] التهديد
هو قيام العدو بوضع الإنسان
أمام خيارات كلها مخيفة (خوف مكثف)، وفتح باب واحد للراحة من خلال الاستسلام
لاتجاه مضاد للعلاقة مع الله بقصد إزعاج النفس، ولكنها راحة مزيفة وباباً لدخول
العدو بكل فساده وامتلاكه للإنسان.
المثال:
أ ـ حين صعد
"سنحاريب" ملك أشور على أورشليم (إشعياء36، 37) طالباً من حزقيا الملك
أن يُسلم له المدينة فيدخلها، ويعطي راحة للشعب، وقد كان تهديد رجال سنحاريب
لاذعاً ومراً جداً، وملئ بالمغالطات والأكاذيب ليجعلهم يستسلموا له تماماً، ولكن
لجوء حزقيا إلى الرب ووضع منشورات التهديد أمام الرب في الصلاة كان مفتاح الغلبة،
لأن الرب من خلال إشعياء النبي أرسل كلمته الأولى والعظمى وهي: "...لاَ
تَخَفْ..." (إشعياء37: 6) أي كنْ في سلام، سرْ وأنت مطمئن، لأن الرب شرح خطته
العجيبة في قلب الأمور على سنحاريب وكل جيشه بما يعني كمال الطمأنينة والسلام
لأولاد الله ضد كل تهديدات العدو، وقد تمت النصرة حسب ما تكلم الرب تماماً، [والسلام]
هنا لا يعنى إطلاقاً الاستسلام للعدو، بل الهدوء والسكون لأن الرب هو الذي سيبطل
كل صوت يرتفع ضد اسمه وضد شعبه.
ب ـ عندما استخدم إبليس رجال
الدين (الكهنة والكتبة والصدوقيون) في تهديد رسل المسيح بعد معجزة شفاء رجل أعرج
تمت باسم الرب يسوع المسيـح (أعمال الرسل4: 7ـ31) ولكنهم لجئوا إلى السيد الرب
ورفعوا صلاة لأجل إبطال مفعول هذا التهديد.. فكان أن ملأهم الرب من جديد بالروح
القدس، وبهذا الملء سكنت نفوسهم واطمأنت تماماً إلى رفقة الرب لهم حتى قال الكتاب
أنهم: "...وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ."
(إشعياء37: 5)
إن سلام الله الذي يفوق كل
عقل، قد وهب لهم من الروح القدس الذي يعتبر السلام من ثمره، ولذلك لم يخافوا ولم
يتعطلوا بل واصلوا المسيرة كما هي.. وهم في سلام دون خوف من أي تهديد أياً كان
مصدره.
[4] التشكيك
هو صنع اهتزاز (أو اختلال)
في الإنسان من جهة إيمانه بالرب نفسه، أو من جهة كلمته، سواء كانت وصية أو وعد، أو
من جهة محبة الرب للنفس، مما يجعل الإنسان يتوقف، ويخالف ما كان مقتنعاً بأنه من
الرب وهى ضربة موجعة.
المثال:
أ ـ قصة فشل
كلام الشيطان في جنة عدن إلى
حواء من خلال الحية:
(تكوين3: 1) "...أَحَقًّا
قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ..." وهذا استدراج.
(تكوين3: 4) "فَقَالَتِ
الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا!" وهذا تكذيب.
ثم كانت النتيجة من أسوأ ما
يكون، لأن حواء قبلت الشك في وصية الله، ثم إنها شاركت آدم رجلها.. فقبل نفس الشك
وسقط كلاهما في العصيان. هذا هو هجوم الشيطان علينا بالتشكيك في كلمة الرب لنا.
إن الإيمان بـ الله يتطلب
على الفور الإيمان بكلمة الرب، وبذلك يكون مع الإنسان ترس الإيمان وبه
يواجه كل تشكيك.
ب ـ قصة نجاح
تلك هي قصة مخلصنا يسوع
المسيح الذي انتصر على تشكيك إبليس له عندما جُرِّب في البرية في وقت عصيب بعد
صيام أربعين يوماً ووجوده وحيداً بين وحوش البرية، فقد قال له إبليس مرتين بلغة
التحدي والتشكيك:
"...إِنْ كُنْتَ ابْنَ
اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا." (متى4: 3)
ثم "...إِنْ كُنْتَ
ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ..." (متى4: 5)
لكن يسوع المسيح رفض تماماً
أن يشك في أنه "ابن الله" ثم أنه رفض أيضاً أن يستخدم هذا الاسم في
أتمام معجزة موحى بها من إبليس، لأن معجزاته كانت تتم برؤية خاصة من الآب السماوي
"فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ
يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ
يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ. لأَنَّ
الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ
أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ." (يوحنا5: 19،20).
وهذا عكس ما حدث مع "حواء" و "آدم" اللذين استجابا لإيحاء
إبليس في الجنة. إن المسيح لم يهتز ولم يستجب لإبليس، فلقد كان إيمان يسوع المسيح
بـ الله وبكلمته عظيماً وواضحاً جداً، وبهذا [الإيمان] كان مسلحاً.. فغلب
الغلبة المشرفة.
[5] المطاردة
هي تعقب (وملاحقة) أرواح
الشر للإنسان، لكي يعثر ويسقط بسهام أفكار مدمرة، أو أشخاص يمتلكهم العدو، أو
استخدام ظروف صعبة متنوعة، كالأمراض أو اختلاق مشاكل حتى لا يكون للإنسان أي فرصة
لالتقاط أنفاسه، بل ويعود مرة آخري إلى حياته وحالته القديمة لكي تكون آخرته أشر،
ولكي ينطبق عليه القول:"..."كَلْبٌ قَدْ عَادَ
إِلَى قَيْئِهِ"، وَ"خِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ
الْحَمْأَةِ".(بطرس الثانية2: 22) وهذه هي نية العدو وإرادته.
المثال: سفر الخروج أصحاح 14
المثال: سفر الخروج أصحاح 14
حين تحرك موكب شعب الله
قديماً ليخرج حراً من أرض مصر بعد استعباد "فرعـون" لهم، اغتاظ
"فرعون" وعبيده جداً، ويقول الكتاب أنهم قالوا: "...مَاذَا
فَعَلْنَا حَتَّى أَطْلَقْنَا إِسْرَائِيلَ مِنْ خِدْمَتِنَا؟...فَسَعَى
الْمِصْرِيُّونَ وَرَاءَهُمْ وَأَدْرَكُوهُمْ...وَهُمْ نَازِلُونَ عَِنْدَ
الْبَحْرِ..." (خروج14: 5 ـ 9)، وكان فرعون وراءهم والبحر أمامهم، وبالطبع
كان موقفاً في غاية الخطورة أن يجد الإنسان نفسه محاصراً من كل جهة، ولا يوجد مخرج
لأن الشعب كان يصرخ في أذنـي "موسي"، وصوت مركبات فرعون كان يوجع أذني
"موسي" ،وماذا تحتمل رأس الإنسان؟ إلا أن موسي كان يضع على رأسه وذهنه
خوذة الخلاص وهي الرجاء في انه من غير الممكن أن يبتدئ الرب يخرجهم ثم يتخلي عنهم
ومن هنا صرخ "موسي" للرب فأمره بأن يستخدم عصاه ليضرب بها البحر فينشق
ليعبر الشعب في قلب البحر كما في اليابسة، ثم ينغلق البحر على جيش
"فرعون" فيغرقون بعد أن ظنوا أن ما أعطاه الرب لشعبه، يمكن أن يكون
متاحاً لهم.
إن "إبليس" يحاول
دائماً مع النفس التي تحررت أن يطاردها حتى ترجع مرة أخرى إلى العبودية والبؤس،
وهو يستخدم أي فرصة متاحة وأي أمكانية اجتماعية أو غير اجتماعية لكي يرهب النفس،
فتستسلم له ثم يعود بها فريسة بين يديه كما كان "فرعون" وكل جيشه يريدون
أن يفعلوا بالشعب القديم الذي كان قد تحرر من سلطتهم القاسية.
وكما كان "موسي"
النبي لما صرخ للرب، فأمره أن يستخدم عصاه التي ترمز إلى السلطان الممنوح له من
الله، هكذا نحن أيضاً عندما نري العدو يطاردنا لكي نرجع مرة أخرى للوراء علينا أن
نناجي الرب ونصرخ إليه، ونعلن اسم ربنا يسوع المسيح، ذلك الاسم الذي له أن يوقف أي
زحف للشيطان نحونا وسنري فشل العدو، وننجو
نحن بالكلية "... أَحْمَدُ اسْمَكَ يَا رَبُّ لأَنَّهُ صَالِحٌ. لأَنَّهُ
مِنْ كُلِّ ضِيْق نَجَّانِي، وَبِأَعْدَائِي رَأَتْ عَيْنِي." (مزمور54 : 6،
7)
[6] المساومة
هي محاولة من العدو لتقليل
حجم ولاء الإنسان للرب وللحق، من خلال عرض بتقسيم مساحة حياتنا ليكون جزء منها فقط
للرب وجزء آخر في يد العدو وهذا ما يرفضه الرب تماماً.
المثال: سفر الخروج من أصحاح 8 ـ 10 حيث كان الرب قد أمر نبيه "موسى"
بإخراج شعبه من أرض مصر، وأن يطلب موسي ذلك من فرعون ملك مصر ليكون خروجهم كاملاً،
الرجال والنساء والأطفال والبهائم، وذلك ليعبدوا الرب في البرية ثم بعد ذلك
ينطلقوا إلى أرض الموعد.
وفرعون هو رمز لإبليس الذي
يريد النفوس مقيدة إن لم يكن كلياً، فجزئياً، وفي الحياة مع الله فإن جلاله لا
يقبل إلا أن نكون محررين تماماً من كل القيود، ولا مساومة في هذا الأمر.
وعلى مدى عدة جولات من دخول
النبي "موسي" إلى فرعون كان فرعون يماطل ويساوم بحيث لا يتم ما أوصى به
الرب، فقد قال لموسي في أربع مرات الآتي:
ـ "...«اذْهَبُوا
اذْبَحُوا لإِلهِكُمْ فِي هذِهِ الأَرْضِ»." (خروج8: 25)
ثم ـ "... لِتَذْبَحُوا
لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَلكِنْ لاَ تَذْهَبُوا بَعِيدًا..."(خروج8:
28)
ثم ـ "...اِذْهَبُوا
أَنْتُمُ الرِّجَالَ وَاعْبُدُوا الرَّبَّ. لأَنَّكُمْ لِهذَا طَالِبُونَ».
فَطُرِدَا مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ." (خروج10: 11)
ثم ـ "...اذْهَبُوا
اعْبُدُوا الرَّبَّ. غَيْرَ أَنَّ غَنَمَكُمْ وَبَقَرَكُمْ تَبْقَى..."(خروج10:
24)
ولكن كل هذه المحاولات فشلت
لأن "موسي" بسبب اتصاله الحيوي بالرب، ونواله كلمة واضحة من الرب، ورده
بها على فرعون، كان متشدد ولم يرتخي أبداً.. كانت الكلمة من الرب
"لموسي" كـ [سيف] قاطع لا يقبل المناصفة، ولهذا رفض كل أنواع
المساومات مهما بدت كأنها حلول وسط، فأمام وصايا الرب ليس هناك أي فرصة أو مجال
لنقول: خير الأمور الوسط، إذ أن "الوسطية" تجاه وصايا
الله هو مبدأ الخضوع لإبليس ونتيجتها الفشل التام.
أسلحة الحرب
إننا لسنا وحدنا..
إن يسوع المسيح مخلصنا هو حي
إلى الأبد، وفي سيرنا في الحياة من المؤكد أننا سنواجه الشيطان، لكن لا بمفردنا
ولا بتقوانا بل سنواجهه بالمسيح يسوع الذي هو قائدنا، وهو أعلى سلطة لنا في كل
الوجود، ولكن علينا أن نكون مستعدين لكل مواجهة مع قوات الشر الروحية من خلال الأسلحة
الروحية لا الجسدية التي أعلنها لنا الوحي المقدس، فليس عبثاً أن يقول لنا ويكررها
البسوا ـ ثم احملوا "الْبَسُوا
سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ... مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ
الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ."
(أفسس6: 11، 13) فهذا معناه أن علينا مسئولية، وهى لا تحتمل التأخير، بل ينبغي أن
نقوم بها بأسرع ما يمكن.
هذا السلاح الكامل هو في
حقيقته عدة أجزاء، وعندما نلبسها كلها يكتمل تسليحنا، وبمساندة الرب لنا ـ وهو لا
يتأخر في ذلك ـ يمكننا أن نغلب دائماً ولا ننهزم.
في كل معركة يوجد جزء حساس
فينا يسعى العدو أن يحاربنا فيه، لذلك يجب أن نلبس سلاح الله الكامل، حتى نكون
محميين، ونشكر الله كثيراً لأن السلاح مقدم لنا من الرب، وما علينا إلا أن نكون
لابسين إياه ونرجع (نتحسس) بين الحين والآخر وجوده، كما يتحسس الجندي في الميدان
من حين لآخر وجود أسلحته معه، هذه ليست روشنة ولا عدم ثقة بالنفس بل يقظة يجب أن
تستمر فينا.
v ما هي مكونات سلاح الله الكامل؟
1)
منطقة (حزام) الحق
"فَاثْبُتُوا
مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ،..." (أفسس6: 14)
كان لدى الجندي الروماني عدة قطع للسلاح،
وكلها كانت متعلقة بحزام عريض وأساسي يلفه حول وسطه تماماًُ، ولا يحق له أن
يخلعه.. هذا الحزام يذكرنا بالشريط الأزرق الدائري الذي كان جزء من ملابس رئيس
الكهنة قديماً، وكان يرمز إلى وصايا الله.. أي كلمة الحق التي أوصى بها، فالمنطقة
هي رمز لوجود وصايا كلمة الله في حياتنا، وأنها فاعلة ومُنفذَّة بصدق وأمانة في كل
المواقف والعلاقات ومجالات الحياة بلا تراخي.
ووجود وصايا كلمة الله في حياتنا هو حماية
لنا من أي محاولة لتتويهنا أو تضليلنا. لذا فالتمسك بالكلمة الإلهية يجعلنا نواجه
أي حرب تضليل من العدو.
2)
درع البر
"... وَلاَبِسِينَ دِرْعَ
الْبِرِّ،" (أفسس6: 14)
الدرع: كان الدرع يتكون من سلاسل صُلب
تغطي الصدر وهو منطقة حساسة، وأحياناً كان يبدأ من أسفل الرقبة حتى الفخذين.
البر: كلمة تعنى الاستقامة
والنزاهة، ونستطيع أن نري تلك الاستقامة والنزاهة عندما نقرأ ما قاله يوسف الصديق
لزوجة فوطيفار. "...فَكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ
إِلَى اللهِ؟»..." (تكوين39: 7 ـ 10)
ونحن تبررنا مجاناً، ونلنا بر المسيح، لكن يجب
أن نحيا بهذا البر في الحياة، فنطلب إرادة الله ونفعلها، ونخضع أولاً وأخيراً
لسلطان الله في حياتنا، ولا نخضع لإغراءات الشهوات الجسدية أو النفسية لأنها حرب
حتى لا يتشقق درعنا الغالي الذي وهبه الرب لنا للحماية.
3)
محاذاة الخطوات لإنجيل
السلام
"وَحَاذِينَ
أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ." (أفسس6: 15)
إن انتظام الخطوات في الحياة، إنما يعبر عن وجود
منهج ومبدأ ثابت لدى الإنسان، وإبليس كثيراً ما يجاهد لكي يخيف أبناء الله
بتهديدات مباشرة من أرواح الشر تجاهنا، وأيضاً بإثارة القلاقل والإضرابات من خلال
الآخرين، والجندي الحقيقي هو من يتمتع دائماً بسلام الله في داخله، فلا يهتز ويغير
مساره بسبب تهديدات العدو له، كما أنه يجب أن يكون في سلام حتى مع الناس الذين
يستخدمهم إبليس فلا يخاصم ولا يطعن فيهم ولا يهتز مما تظهره وجوههم له، لكي يواصل
سعيه المقدس في البشارة المفرحة التي قبلها والتي يشهد عنها أيضاً (مزمور120: 7).
إن السير ونحن في سلام وحاملين إنجيل السلام هو سلاح لأقدامنا وخطواتنا.
4)
ترس الإيمان
"حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ
تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ."
(أفسس6: 16)
كان "الترس" يُصنع
من حديد ويحمل باليد، فهو سلاح نتحرك به لمواجهة سهام إبليس التي يقول عنها الوحي
أنها: ملتهبة شريرة، لأنه في الحرب قديماً كان المحاربين يغمسون سهامهم في القار
ويشعلون فيها النار ثم يوجهونها نحو الأعداء، والحقيقة إن الشك الذي يرسله إبليس
في وجود الله ومحبة الله وعدل الله وصدق الله وكلمة الله ولاسيما عند الأزمات هو
سلاح ملتهب جداً، ونحن نحتاج دواماً أن نتذكر كيف انتشلنا الرب من الظلمة والفساد
وأحيانا في المسيح، وكيف قبلنا منه نعمة ورحمة، وكيف أنه دائماً الصادق الأمين في
وسط كل أكاذيب إبليس والعالم كما قال الوحي: "... لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا
وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا..." (رومية3 :4) فلنتقوى في الإيمان كأبينا
إبراهيم "وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى
بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا ِللهِ." (رومية4: 20) معلنين يقيننا الثابت
في الرب الإله الحقيقي.. وهذا هو ترس الإيمان.
5)
خوذة الخلاص
"وَخُذُوا خُوذَةَ
الْخَلاَصِ،..." (أفسس6: 17)
إن الذهن هو منطقة حساسة في
كياننا وينبغي أن يكون محمياً بالمبادئ الروحية الكتابية، ومما يؤثر على ذهن
الإنسان ويشغله هو أمور هذه الحياة وأوضاعها المختلفة والمختلطة، لكن بماذا يريدنا
الرب أن نتسلح ذهنياً وفكرياً؟ نتسلح بالرجاء أي الرجاء الأبدي الذي فيه يمكننا أن
نرى كل شئ نسبياً ومحدوداً بالنسبة للأبدية السعيدة والقيامة المجيدة التي لنا.
ولذلك فإن "خوذة الخلاص" في أفسس6: 17. هي نفسها المقصود بالرجاء لأن الوحي من خلال نفس الرسول بولس يقول:
"...وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ." (تسالونيكي الأولى5: 8) أي
الخلاص في مرحلته النهائية.. حين يدعوا أجسادنا للقيامة، إذاً لا يهمنا ما يحدث في
الأرض ـ وإن كنا نقوم بدورنا ومسئوليتنا على أكمل وجه ـ لكن لا نخاف من مطاردة
العدو لنا بروح الفشل لأن لنا نجاحاً روحياً وعظيماً، ولنا أبدية فائقة الروعة،
وبإعلان رجاءنا في الرب وأننا لن نفشل فإن مطاردة العدو لنا تفقد كل مضمونها
وقواها.
6)
سيف الروح القدس
"... وَسَيْفَ الرُّوحِ
الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ." (أفسس6: 17)
قديماً كان "السيف" سلاح هجومي
يوجهه المحارب إلى الخصم ليحسم به المعركة، وبالتالي فإن أي مساومة من العدو أو
محاولة لجعلنا نقسم ولاءنا تتلاشي تماماً أمام ضربة "السيف".
من النعم التي منحها لنا الله ـ تبارك اسمه ـ
هو كلمته وروح قدسه الذي يفهمنا الكلمة ويرشدنا إلى تطبيقها، وبصفة عامة تأتى
الكلمة اليونانية "لوجوس" Logos لتعبر عن "كلمة
الله" ،لكن في أفسس 6: 17 تأتي كلمة "ريما" Rhema التي معناها: "كلمة خاصة من الله"
وليس كلام الله بصفة عامة وهذا معناه: إن كلمة خاصة من الله ـ وكثيراً ما تكون من
صميم كلمات الكتاب المقدس ننطق بها بدافع وقوة الروح القدس ـ هـي "سيف"
في معركتنا مع قوات الشر، فـ "كلمة الله" هنا هي قول خاص مناسب تماماً
لمهاجمة حصون الشيطان، وحين ننطق بهذه الكلمة تنهدم هذه الحصون ويفر الشيطان أو
تنسحق قواته تحت أقدامنا، تماماً مثلما استقبل "موسى" النبي كلمات من
الرب ليقولها لفرعون مثل: "... أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي فِي
الْبَرِّيَّةِ..." (خروج7: 16& 8: 1، 20&9: 1، 13&10: 3) ولم تكن
هذه الكلمات تحتمل أي مساومة، ولما أصر
عليـها "موسي" انتهي أمر المساومات، هكذا نحن أيضاً إذ نأخذ من الروح
القدس الذي يلهمنا ويرشدنا ما نقوله فإذ ننطق به تنقلب الأمور ويتذلل لنا العدو
كما تذلل فرعون أمام موسى "فَحَدَثَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّ
الرَّبَّ ضَرَبَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، مِنْ بِكْرِ فِرْعَوْنَ
الْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّهِ إِلَى بِكْرِ الأَسِيرِ الَّذِي فِي السِّجْنِ،
وَكُلَّ بِكْرِ بَهِيمَةٍ. فَقَامَ فِرْعَوْنُ لَيْلاً هُوَ وَكُلُّ عَبِيدِهِ
وَجَمِيعُ الْمِصْرِيِّينَ. وَكَانَ صُرَاخٌ عَظِيمٌ فِي مِصْرَ، لأَنَّهُ لَمْ
يَكُنْ بَيْتٌ لَيْسَ فِيهِ مَيْتٌ. فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً
وَقَالَ:«قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ
جَمِيعًا، وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. خُذُوا غَنَمَكُمْ
أَيْضًا وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضًا».
وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ
الأَرْضِ، لأَنَّهُمْ قَالُوا:«جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ»." (خروج12: 29 ـ 33)
سبب تعدد مكونات سلاح الله الكامل
قد نتساءل.. لماذا كل هذه
الاجزاء؟
لأن قوى الشر تحيط بالإنسان
من كل جانب وهي تتآمر ضده لكي تستولي عليه: "...الْخَوْفُ مُسْتَدِيرٌ بِي
بِمُؤَامَرَتِهِمْ مَعًا عَلَيَّ. تَفَكَّرُوا فِي أَخْذِ نَفْسِي."
(مزمور31: 13)، لذلك تحتاج نفس الإنسان أن تكون هي الأخرى كمدينة مسوَّرة أو
مسَّلحة بهذه الأسلحة المتعددة، لأن في إحاطة قوي الشر بالإنسان تقوم بدراسته ورصد
كل ما في الإنسان من نقط ليس عليها حراسة حتى يمكن لأي سهم أن يخترقها مسبباًً
العجز الروحي والأدبي وبذلك يرقص الشيطان.
المسيح سلاحنا الأعظم
جيد أن نفهم أنواع الحروب،
وأن نتدرب على الأسلحة الروحية ونحارب بها، لكن الأعظم هو حضور يسوع المسيح في
كياننا وحياتنا ونوالنا لمسات ومسحة روحية منه، واحتفاظنا بالحب والخضوع له، فشخصه
العظيم هو الحياة وهو النصرة في كل المعارك، لا ندخل معركة بدونه، ولن ننتصر في معركة
مهما كان حجمها إلا به وحده. إن كل الأسلحة هي موجودة فيه، فهو الله الذي ظهر في
الجسد، وهو الرب المقام من الأموات ناقضاً أوجاع الموت، والمنتصر على الهاوية
وأبواب الجحيم، وإذ نقترب إلى الله " مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ
كُلَّ وَقْتٍ..."(أفسس6: 18) فإنه:"...يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ
نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ،..."(كورنثوس الثانية2: 14)
لهذا فلنطلب أن نلبس الرب
يسوع المسيح، ونغلق ذهننا في وجه كل الشهوات لكي نختبر النصرة الكاملة التي لنا في
المسيح يسوع.
مسئوليتنا الشخصية
بناء على كل ما سبق أن
تعلمناه ما هي مسئوليتنا الشخصية الآن:
1ـ تمليك الرب بالكامل
لكوننا نُملِّك المسيح علينا فهو يملك بصفاته، يملك علينا بمحبته وحكمته
و... وبذلك لا يكون للشيطان مكاناً في حياتنا، ولا يجب أن نعطيه أي مساحة في
أذهاننا أو مشاعرنا أو جسدنا وهذا ما قاله الكتاب: "وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ
مَكَانًا." (أفسس4: 27)
2ـ مقاومة إبليس
انه مهما حاول إبليس أن يحاربنا بأي نوع من أنواع الحروب فلا ينبغي أن نكون
سلبيين ونتركه يهاجمنا بل علينا أن نقف بكل الأسلحة الروحية لنقاومه مهما كلفنا
ذلك من جهاد أو تضحيات لأن النتيجة الأكيدة هي أنه سيخاف منا ويجبن أمامنا
"... قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ." (يعقوب4 :7) ولكي يحدث
هذا يجب أن نكون في خضوع تام للرب ولوصاياه ولفكره.
التدريبات والتطبيقات
v
سلاح الله الكامل في
الحرب الروحية
1- منطقة
(حزام) الحـق: تمنطق بالحق الذي يعلنه الكتاب المقدس وهو ما نراه بوضوح عندما
نكون في سلام مع الله ومع أنفسنا. وتحرر من إبليس الكذاب الذي يريد أن يضلك،
وتَمَسَكْ بالحـق دائماً. "وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ
يُحَرِّرُكُمْ»." (يوحنا8: 32)
2- درع
الـبر: هو
الاستقامة، بمعنى أن نرفض كل اعوجاج وكل ظلمة. فاطلب إرادة الله وافعلها، واخضع
لسلطان الله في حياتك، لأن هذه هي الحياة المقبولة أمام الله.، ولا تخضع لإغراءات
الشهوات الجسدية أو النفسية.
3- محاذاة
الخطوات لإنجيل السلام: إن السير ونحن في سلام وحاملين إنجيل
السلام هو سلاح لأقدامنا وخطواتنا. وإنجيل السلام هو مشاركة الأخبار المفرحة عن
عمل المسيح في حياتنا، فلتكن مستعد دائماً أن تشهد للمسيح0 لأن هذا الاستعداد
يعطينا انتصار في الحرب الروحية.
4- ترس
الإيمان: أنت تحتاج دواماً أن تتذكر كيف انتشلك الرب من الظلمة والفساد وأحياك في
المسيح، وكيف قبلت منه نعمة ورحمة، وكيف أنه دائماً الصادق الأمين في وسط كل
أكاذيب إبليس والعالم. والإيمان قرار بأن تثق في وعود الله
وكلامه. حتى عندما لا تشعر بشيء، أو حتى عندما تشعر بعكس ذلك. فالإيمان هو أن تعيش
كل ما تقتنع بصحته. وبهذا الإيمان تنتصر على كل أفكار شريرة من العدو. معلناً
يقينك الثابت في الرب الإله الحقيقي .. وهذا هو ترس الإيمان.
5- خوذة
الخلاص: يجب أن
تملأ ذهنك دائماً بأفكار المسيح ونعمته وخلاصه، لكي لا تخاف من مطاردة
العدو لك بروح الفشل، لأن لك نجاحاً روحياً وعظيماً، ولنا أبدية فائقة الروعة،
وبإعلان رجاءك في الرب وأنك لن تفشل، فإن مطاردة العدو لك تفقد كل مضمونها وقواها.
6- سيف
الروح القدس "كلمة الله": في معركتك مع قوات الشر تسلح
بـ "كلمة الله" لأن لك فيها أقوال خاص مناسبة تماماً لمهاجمة حصون
الشيطان، وحين تنطق بهذه الأقوال تنهدم هذه الحصون ويفر الشيطان، و تنسحق قواته
تحت أقدامك. إن سيف الروح تستطيع به أن تصد العدو وبه تهاجمه وتنتصر عليه. اقرأ
الكلمة وتأمل فيها. وادرسها بعمق وفوق كل شيء طبق كلام الله في حياتك العملية.
v
التحدي:
بعد أن عرفت عدوك(خصمك)
وعرفت أسماءه ماذا قررت.. هل تقف موقف سلبي أم من خلال معونة الروح القدس تستطيع
أن:
1ـ تميَّز أفعاله كما قال
الوحي: "لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ
أَفْكَارَهُ." (كورنثوس الثانية2: 11)
2ـ تستخدم سلطانك "هَا
أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ
قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ." (لوقا10: 19)
3ـ تتدرب على لبس وحمل سلاح الله
واستخدامه (أفسس6:
11،13)
4ـ صنِّف كل دوائر أدخلك فيها العدو بعد
أن عرفت أنواع أرواح الشر، وارفض أي قيد من هذه الأرواح، ولا تفشل، وتحدى اليوم
نفسك أن لا تدخل مناطق الخصم مرة أخرى:
ـ إن كانت أرواح نجاسة فلا تسعى أن
تتعامل مع أي شي نجس بحجة حب الاستطلاع أو مواكبة العصر.
ـ إن كانت أرواح ضلال ارفض كل تعاليم
مراوغة تقودك لمتاهات.
ـ تحدى كل روح ضعف ولا تقبله بل تأيد
بقوة الروح القدس في الإنسان الباطن "...أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ
بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ،" (أفسس3: 16).
ـ جيد أن نفهم أنواع الحروب،
وأن نتدرب على الأسلحة الروحية ونحارب بها، لكن الأعظم هو حضور يسوع المسيح في
كياننا وحياتنا بصفة دائمة ونوالنا لمسات ومسحة روحية منه، واحتفاظنا بالحب
والخضوع له فشخصه العظيم هو الحياة وهو النصرة في كل المعارك، لهذا فلنطلب أن نلبس
الرب يسوع المسيح، ونغلق ذهننا في وجه كل الشهوات لكي نختبر النصرة الكاملة التي
لنا في المسيح يسوع.
إرسال تعليق