الإصحاح السادس عشـر تحيـات وتحذيـرات ختاميـة رسالة رومية
الإصحاح السادس عشـر تحيـات وتحذيـرات ختاميـة رسالة رومية
(الكمال العملى)
1-
توصية عن إحدى الأخوات [16 : 1 ، 2]
2-
تحيات لكثيرين من مؤمنى رومية [16 : 3 - 16]
3-
تحذير من صانعى الإنقسامات والعثرات [ 16 : 17 - 20]
4-
تحية العاملين مع بولس إلى مؤمنى رومية [16 : 21 - 24]
5-
طلبة بولس الختامية لكنيسة رومية [16 : 25 - 27]
هذا الإصحاح هو صورة جميلة معبرة عن علاقة
المحبة المجيدة، التى كانت تربط بولس رسول المسيحية بمؤمني مدينة رومية، فهو بعد
أن قدم لهم حقائق الإنجيل الأساسية، ونصائحه لبنيانهم، يختم الرسالة بتحياته
الشخصية التى يبعثها لهم مقرونة بمدحه للبعض منهم، إما على خدمة يقومون بها، وإما
على تضحية يقدمونها لأجل المسيح، وإما لأجل صفات وطبائع مثالية يتميزون بها، وحتى
الذين يعرفهم مجرد المعرفة دون أن يكون متتبعاً لأعمالهم وصفاتهم يذكرهم أيضاً
كأخوة له فى الرب.
ومن السلام الذى يرسله للكثيرين نتعلم
دروساً مفيدة وعديدة، فذكره لأسماء المؤمنين رجالاً ونساءً دليل على أهتمامه بجميع
الأفراد كأفراد، وليس فقط بجميع الكنائس كمجموعة، كما أنه دليل على أنهم فى
ذاكرته، وفى قلبه، وأنه يحوطهم بكل محبته، ويُقَّدر أعمالهم وتضحياتهم وصفاتهم
الروحية والشخصية. ولاشك أن مثل هذا الأهتمام بأشخاصهم يشعرهم بأن عملهم ينال حق
التقدير، مما يبعث فى النفس التشجيع على الخدمة بكثير من النشاط.
ثم يقدم لهم تنبيهاً أخيراً عن خطورة الذين
يندسون بين المؤمنين، ويصنعون الانقسامات بالتعاليم المزيفة لحق الإنجيل، ثم ينقل
لهم تحيات الذين يعملون معه فى الخدمة، ويختم الرسالة بكلمات تجمع فى مضمونها بين
الصلاة لأجلهم والتمجيد للرب.
أولاً: التوصية بإحدى الأخوات: [رو 16: 1- 2]
فيبـى:
(ع1، 2)
إمرأة كانت تعيش فى كنخريا، وهى ميناء بحرى
بقرب مدينة كورنثوس، التى كتب فيها هذه الرسالة لتوصيلها إلى كنيسة رومية، وكانت
فيبى مسافرة إلى رومية، فسلمها بولس الرسالة، ويبدو أن هذه المرأة كانت عذراء أو
أرملة، لأن بولس يوصيهم بأن يقبلوها ويساعدوها، إذ يحتمل أنه كان لها مصالح فى
رومية، وهو يعتبرها أخته وأختهم، لأن بولس ومؤمنى رومية هم أبناء الله، وبالتالي
فهم جميعا إخوة.
خدمتهـا:
يصفها بولس الرسول بأنها "خَادِمَةُ
الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا"، والخادمة هى نفسها وظيفة
"شماسة"، وكانت الخادمات أو الشماسات يقمن بخدمة تقديم وتدبير
الإحتياجات المادية من أموالهم أو من الكنيسة، وإرشاد ورعاية وافتقاد النساء فى
الأمور الروحية، وكانوا يُساعدون الرسل والخدام فى أعمالهم، ويسهرون على راحتهم.
وقد خدمت هذه المرأة بولس نفسه، وكثيرين من الخدام فى كورنثوس، وغالباً كانت خدمتها
هى العطاء المادى، ويبدو أنها كانت سخية مع الجميع حتى أن بولس يرى أنها قدمت
للكثيرين، فهى تستحق أن تنال رعاية وإكرام الآخرين لها.
إن توصية بولس بهذه المرأة يعطينا صورة
واضحة عن أن المرأة منذ العصور الأولى للكنيسة كانت لها خدمة ودور فعال فى عمل الله.
ثانياً: تحيات بولس
لكثيرين من مؤمنى رومية: [رو 16: 3- 16]
هنا يبعث بولس بتحياته إلى أُناس، يبدو أنه
قد تعرف بهم أثناء تجولاته المختلفة فى الخدمة، وتنقلاتهم فى العمل والتجارة، أو
آمنوا بواسطته ثم انتقلوا إلى مدينة رومية.
ومن الدروس العظيمة التى نتعلمها من هذا
الجزء، هو إدراك وتمييز وتقدير بولس الرسول لدرجة الإيمان، أو نوع الخدمة التى لكل
واحد بمفرده أو للأسر بأكملها. وبإختصار نستطيع أن نجمع بعض الفوائد من كلمة الله
دونت فى هذا الإصحاح ففيه نرى:
تقدير
بولس لخدمة وتضحية زوجين معاً (ع3 - 5):
وهما "بِرِيسْكِلاَّ
وَأَكِيلاَ" اللذين كانا يهوديان من رومية، ثم ثار كلوديوس إمبراطور روما
على
جميع اليهود وطردهم،
فذهبا "أكيلا وبريسكلا" كمهاجرين إلى كورنثوس، وهناك ألتقيا لأول مرة
ببولس، واشتغلا معه فى صناعة الخيام، واشتركا معه فى خدمة الرب، ويبدو أن بولس
تعرض لتجربة كادت أن تُنهى حياته، فخاطرا "أكيلا وبريسكلا" بحياتهما
لإنقاذ بولس، ولتستمر خدمته. وربما كانت تلك المخاطرة التى يقول عنها
"وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي" هى تخبئة بولس فى
بيتهما فى وقت كان مطلوب إمساكه وقتله، وقت حدوث شغب فى كورنثوس أو أفسس (أع18)،
وقد صنعا معه مثلما صنعت راحاب التى من أريحا فى العهد القديم بجاسوسى شعب الله
وقتئذ (أنظر [يش 2 & عب 11: 31])، وربما يكونا قد دفعا كفالة مالية كبيرة لأجل
الإفراج عن بولس عوضاً عن قتله. المهم أنهما كانا يمثلان البيت المسيحى المضحى
بذاته من أجل الرب واستمرار عمله. وهذا العمل لم يستطع بولس أن ينساه، ولا كنائس
الأمم لأنه يماثل قول الرب يسوع لتلاميذه "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ
مِنْ هذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" (يو15:
13).
وما يدل على أن إختبارهما للمسيح أصيلاً
وتاماً، هو أنهما عندما عادا إلى رومية فتحا بيتهما كنيسة لاجتماع المؤمنين
بانتظام وفى أوقات معينة، وهذا يُظهر مدى تكريسهما الكامل للرب الذى يجب أن يكون
من جميع الوجوه.
تقدير
بولس للعاملين معه (ع 7، 9):
والذين كان منهم "أَنْدَرُونِكُوسَ
وَيُونِيَاسَ" (ع 7)، و"أُورْبَانُوسَ" (ع9)،
وقد تميز "أَنْدَرُونِكُوسَ
وَيُونِيَاسَ" (ع 7) بأنهما أشتركا مع بولس فى تحمل آلام السجن فى إحدى
المرات التى سُجن فيها، ودائماً الاشتراك فى الآلام يزيد القلوب التصاقاً ويقوى
الروابط الأخوية، كما يبدو أنهما كانا موهوبين وحياتهم مرتفعة روحياً، لأن بولس
يذكر أنهما مشهوران بين الرسل كما يعترف بأنهما سبقوه فى الإيمان بالمسيح.
أما "أُورْبَانُوسَ"
(ع 9) فيبدو أنه أحد العاملين مع بولس وغيره من الخدام، وكأن بولس يُقَّدر فيه
الشخص الذى يستطيع أن يخدم مع عدد من الخدام وليس مع فرد واحد، ولذلك يقول عنه "الْعَامِلِ
مَعَنَا"
تقدير
بولس لعمل المرأة وتعبها فى الرب (ع 6، 12، 13):
ويذكر منهم "مَرْيَمَ" (ع
6) ويذكر أنها "تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا"، أى من أجل بولس
ورفقاؤه الخدام، وبما أنها امرأة ومع ذلك تعبت لأجل كثيرين، فهذا دليل على أن
قلبها كان مملوءاً بالمحبة التى دائماً تخفف من وطأة التعب، وتجدد قوى الإنسان،
وتجعله لا يكل ولا يمل.
أما الأخريات فيذكر منهم "تَرِيفَيْنَا
وَتَرِيفُوسَا"، ويذكر أنهم تعبوا فى الرب، وكذلك "بَرْسِيسَ"،
ويبدو أن هؤلاء خدموا
الرب كثيراً بخدمتهم ومؤازرتهم لآخرين غير بولس، ولكنه يذكرهم لأن عملهم كان
واضحاً وحيوياً حتى لو لم يكن معه هو شخصياً.
كما لا ينسى أم أحد
الأخوة وهو "رُوفُسَ"، حيث كانت هذه المرأة تتعامل مع الجميع
بأمومة حانية، حتى لمس بولس المتغرب دائماً أمومتها بالنسبة لنفسه هو، وهى صورة
ناطقة للأمومة الروحية.
تقدير
بولس لكثيرين (ع 5، 8 - 10،11،13):
فالأول وهو "أَبَيْنِتُوسَ"
(ع 5)، ويرى فيه بولس أول ثمرة له فى الإيمان ظهرت فى مقاطعة أخائية، والثانى
والثالث هما "أَمْبِلِيَاسَ" و"إِسْتَاخِيسَ"
(ع 8، 9)، ويبدو أن علاقات المحبة العميقة كانت تفيض من كل منهما مع بولس، حيث
يسميهما "حَبِيبِي فِي الرَّبِّ" و "حَبِيبِي".
وشخص رابع هو "أَبَلِّسَ" (ع 10)، ويسميه "الْمُزَكَّى
فِي الْمَسِيحِ"، وغالباً كان هذا الشخص مشهود له من الجميع. وآخرون
يذكرهم بولس من منطقة "أَرِسْتُوبُولُوسَ".
وشخصية "رُوفُسَ"
(ع 13)، الذى بدا على حياته وصفاته الروحية أنه واحد من المختارين، وكذلك "هِيرُودِيُونَ"
(ع 11)، الذى يقول عنه بولس أنه "نَسِيبِي" أى من أقرباءه فى
الجسد، مما يدل على أنه كان يلذ له أن يستمتع بشركة أقرباءه الذين هم فى الإيمان.
كل هؤلاء يبعث إليهم بولس سلامه المقترن باحترام مكانتهم فى الإيمان.
تقدير
بولس للمجموعات الصغيرة (ع 11، 14، 15):
نظرا لاتساع مدينة رومية، وعدم سهولة
المواصلات كما فى أيامنا هذه، فقد كانت هناك عدة اجتماعات، كل منها جماعة صغيرة،
وهذه المجموعات كلها تكون الكنيسة فى رومية، وربما قد يكون هناك كنيسة كبيرة
واجتماعات صغيرة، فإلى هذه الإجتماعات الصغيرة المتناثرة يُرسل بولس الرسول تحياته
إلى الأخوة الذين ينتمون إليها، مثل الذين من أهل "نَرْكِيسُّوسَ"
(ع 11)، والمجموعتين المذكورتين فى (ع 14، 15)، وهذا يرينا أن بولس كان يشجع، ويقدر
الجماعات الصغيرة العدد ويعتبرهم قديسين كما فى (ع 15).
القبلة
المقدسة (ع 16):
يطلب الرسول فى نهاية تحياته الشخصية أن
يتبادل الأخوة معاً القبلة المقدسة، والقبلة من علامات المحبة والمودة، وتعبر
أيضاً عن الأشواق المتبادلة، ويصفها بولس هنا فى ثلاث مواضع بالقبلة المقدسة (أنظر
[1كو16: 20 & 2كو13: 12 & 1تس5: 26])، ونرى أن الرسول بولس ميزها بصفة
القداسة تمييزاً لها عن القبلة الدنسة الشهوانية. ولاشك أن بولس يقصد بها قبلة
الأخوة للأخوة، والأخوات للأخوات لأن هذا هو الشئ الذى يحفظها لأن تكون قبلة مقدسة.
ثم ينقل الرسول لهم سلام جميع الكنائس التى
خدم فيها، وكأنه يريد أن يُعرفهم أن جميع الكنائس تحبهم وتقدرهم، وتُكّلف بولس أن
يهديهم السلام.
ثالثاً: تحذير من
صانعى الإنقسامات والعثرات: [رو 16: 17-
20]
لم يرد الرسول أن ينهى رسالته إلا بعد أن
يكون قد أعطى الملاحظات، أو التنبيهات التى تؤمن مسيرة مؤمنى رومية، فمثل هذه
التحذيرات يكتبها بدافع من الروح القدس، وبناء أيضاً على التجارب العنيفة التى لمس
بولس أن الكنائس جميعها تتعرض لها، ولأن مسئولية الكنيسة ضخمة جداً من جهة إرسال
المبشرين للحقول المحرومة، وبنيان أعضاءها، وما يتطلبه هذا وذاك من متابعة ورعاية
دائمة، وهذا هو عمل الله على الأرض، فإن إبليس دائماً لكى يحاول أن يعطل ويفسد هذا
العمل عن طريق إثارة المتاعب والبلبلة، بنشر تعاليم مزيفة بطريقة خبيثة لا يستطيع
البسطاء والضعفاء أن يميزوها بسهولة، فتكون النتيجة هو تعدد واختلاف التعاليم
الموجودة فى داخل الكنيسة، وانقسام الكنيسة الواحدة إلى جماعات وأحزاب، بعضها يميل
لتعليم معين، والبعض إلى تعليم آخر مختلف عن الأول. وهكذا ينقسم الأخوة بلا مبرر،
وتتحول ميولهم إلى التعاليم المختلفة إلى ميدان للمناقشات العقيمة، والمجادلات،
والإنتقادات المدمرة للرابطة الأخوية، فمن هؤلاء الماكرين المفسدين المندسين بين
شعب الرب يحذر بولس كخبير، من النتائج التى يعلم أن مثل هذه التعاليم الباطلة
تنتهى إليها.
نقطة
الحـذر: (ع 17)
نقطة الحذر من المسببين الإنقسامات والأذية
الروحية. فإن صنع الشقاقات (أو الإنقسامات)، والعثرات هو أمر ضد التعليم الصحيح
الذى يدعونا إلى المحبة والسلام والوحدانية التى يريدها الرب لكنيسته.
ملحوظة:
ربما كان المقصود من تلك الفئة المسببة للعثرات، هى فئة اليهود الذين كانوا يصرون
على ضرورة إتمام الأمم لفريضة الختان، وطقوس شريعة موسى، حتى ينالوا القبول أمام
الله. أى أنهم كانوا يريدون طعن التعليم المسيحى.
كشف
هدف المُقلقلين: (ع18)
إنهم لا يخدمون الله، ولا تهمهم إرادته ومجده، بل شغلهم الشاغل هو مصلحتهم الذاتية، فهم فى نظر الرسول يخدمون "بُطُونَهُمْ"، وهى كلمة تعبر عن الخدمة التى لها مصلحة جسدية وطابع جسدانى، ولكى ينجحوا فإنهم يلجأون لخداع قلوب الناس السليمة الذين قد يكونون فى بداية الطريق، لكونهم لا يستطيعون أن يجاوبوا أولئك الذين ينفثون سموم التعاليم المنحرفة، لأن اولئك المعلمون البطالون يأتون للبسطاء بكلام ظاهره طيب، إذ فيه رائحة الغيرة لله والتقوى، ولكنه كلام مُضلل ومُهلك، وبمثل هذه السياسة الخطرة يتعكر تفكير المبتدئين، أو الضعفاء ويتقلقلون. ولذلك فالرسول يُنبه بشدة إلى الأهداف الدنيئة لفئة الماكرين فى التعليم.
خطوات
النجـاة: (ع17، 19)
1)
تجنبهـم (ع17):
"أَعْرِضُوا
عَنْهُمْ" (ع17)، فمثل هؤلاء لا ينفع مُجالستهم، أو المناقشة معهم، لأنهم
يريدون أن يقلبوا أساس المسيحية، وتعاليم المسيح نفسه، وآراءهم هدامة للمحبة
المسيحية، ولوحدة الكنيسة، وللحق نفسه، ومن الذين لا نُخالطهم أيضاً المذكورين فى
(1كو5: 9-13).
2)
الحكمة والبساطة (ع19):
"أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ
لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ" (ع19)، إن الحكمة هنا تعنى أن يتصرفوا
بطريقة تُناسب كل موقف، والطريق لتلك التصرفات هو أن يبدأوا بالتمييز، وامتحان كل
فكر وتعليم، وسلوك يُعرض عليهم على ضوء الحق الذى أُعلن لهم، وتغيرت حياتهم بسببه.
(راجع [1تس5: 21])، وفى النهاية يكرسوا هذا التمييز والفحص لكى يحولوه إلى عمل ما
هو خير، أي ليؤدى هذا الإدراك إلى زيادة الرعاية للصغار، والإهتمام ببنائهم،
ومواصلة التقدم الروحى لإسكات المنافقين، ومن ناحية أخرى ينبغى أن يكونوا بسطاء
للشر، بمعنى أن لا يكون للشر تركيبات فى داخلهم، وإن تعرضوا له من الخارج،
فيحافظوا على طهارتهم لأن كل خطأ يحدث من خلال أي مؤمن يعكس آثاراً سيئة على
الآخرين، ويشوه صورة الإيمان المسيحى أمام الذين هم من خارج الكنيسة. ومثل هذه
الوصية قد نطق بها المسيح حين قال: ".. .. فَكُونُوا حُكَمَاءَ
كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ"
(مت10: 16، 17).
تشجيع
أخيـر: (ع19، 20)
1)
انتشار أخبار طاعتهم للحق (ع19):
"لأَنَّ طَاعَتَكُمْ ذَاعَتْ إِلَى
الْجَمِيعِ" (ع19)، كان بولس فى هذا الكلام غير مُجامل لهم، بل مُشجع لهم
ليستمروا فى إنقيادهم وراء الحق، وليصمدوا أمام أصحاب التعاليم المنحرفة، فكأن
بولس يقول لهم ليس أنتم الذين تنخدعون فتخالفون الحق بعدما انتشرت الأخبار فى كل
الكنائس تعلن عن طاعتكم للإيمان ومتطلباته. وزيادة فى تشجيعهم أعلن لهم أنه فرح
بهم، وكأنه يُناشدهم أن لا يسمحوا له بالحزن عليهم بعد أن فرح بهم.
هناك حالة أُناس مذكورة فى (في3: 17-20)،
كانوا فى البداية سبب فرح لبولس، ثم صاروا سبب حزن له، وبولس لا يريد أن يكون هكذا
اهل رومية.
2)
الوعد بالنصرة القوية (ع20):
"وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ
الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا" (ع20)، إن إبليس هو سبب
التعاليم الكاذبة، والأرواح المُضلة، والإنقسامات التى تحدث لأعضاء جسد المسيح،
ولذلك فإن الله من ضمن مقاصده أن يهلك إبليس وكل جنوده فى لحظة واحدة. وإلى أن
يتحقق هذا الوعد بصورة كاملة وحرفية وسريعة، فإنه الآن يمنحنا السلام الذى
بإحتفاظنا به نستطيع أن نهزم إبليس، ومهما حاول هذا العدو الماكر أن يزرع "زَوَانًا
فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ" (مت13: 25)، فإن الله قادر بروحه أن يُنقى
كنيسته الحقيقية من تلك الفئات المفسدة (1كو5: 7، 13)، والوعد أكيد أن أقدامنا
التى سلكت بالإيمان والقداسة والمحبة هى التى ستسحق رأس الحية، كما قيل فى (تك3:
15).
ويُضيف الرسول دعاء لهم، بأن تكون معهم "نِعْمَةُ
رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ"، فبنعمته فقط نُحفظ من فخاخ المُضلين،
ونُصان من كل شر يختلقه إبليس لتعكير سلامنا.
رابعاً: تحية
العاملين مع بولس إلى مؤمنى رومية: [رو
16: 21- 24]
كما بعث بولس بتحياته إلى كنيسة رومية، وإلى
العاملين فيها فى خدمة الرب، فإنه يبعث فى نهاية رسالته تحية العاملين معه أثناء
وجوده فى "كورنثوس"، التى كتب منها الرسالة إلى رومية. ومن سياق هذه
التحيات نتعلم عدة دروس هامة نافعة لنا، مثل:
1- أن بولس كان حريصاً على تعميق
الشركة، والمحبة الأخوية بين جميع أولاد الله، رغم بُعد المسافات بينهم، لكى تتقوى
وتزداد رابطتهم ببعض، مما يساعد على بٌنيانهم ونجاح خدمتهم، حينما يشاء الرب أن
يجمع البعض منهم فى خدمة واحدة. ولذلك أهتم بأن ينقل تحيات العاملين معه إلى
المؤمنين فى رومية.
2- أن بولس حين يتحدث عن
"تيموثاوس" يذكر عنه أنه "الْعَامِلُ مَعِي"، وهى كلمة
تُعبر عن أن "تيموثاوس" الذى هو أبن بولس فى الإيمان، يعتبره بولس أنه
شريك معه، أي مساو له فى خدمة المسيح، كما أنه يذكره قبل أن يذكر أسماء أنسباءه فى
الجسد، مما يدل على أن بولس كان يُعطى مكانة أولى لأخوته فى المسيح قبل أقاربه فى
الجسد.
3- أن بولس يُتيح "تَرْتِيُوسُ"
الذى كان بولس يُمليه الرسالة ليكتبها، أن يُرسل تحياته هو الآخر إلى كنيسة رومية
تقديراً وإكراماً من بولس للشخص الذى خدمته أو عمله كان محدوداً (مجرد كتابة
الرسالة أو نسخها بخط جيد).
4- يذكر بولس أيضاً شخصية "غَايُسُ"،
ويمدح فيه بولس صفة الكرم، حيث أن هذا الشخص قد فتح بيته لإجتماعات الكنيسة،
وإضافة القديسين، مثل بولس، وأراحهم.
5- يذكر بولس شخصية "أَرَاسْتُسُ"،
ويبدو من وصف وظيفته، ان له مركز إجتماعى ذو شأن، فقد كان "خَازِنُ
الْمَدِينَةِ" أو امين لمال مدينة كورنثوس، أو ضابط كبير موكل على خزانة
المدينة. فعندما قبل نعمة الله، لم تمنعه مكانته الوظيفية من أن يكون واحداً من
القديسين، وأحد العاملين فى حقل الخدمة المسيحية.
6- كما يذكر شخص أسمه "كَوَارْتُسُ"،
ويبدو أنه لم يكن له خدمة، أو دور بارز، لكنه يكفى أنه كان أخ لبولس فى المسيح،
فيذكره أيضاً، وفى هذا دلالة على أن بولس لا يحتقر أحد، وليس عنده فرق بين أحد
العاملين الأقوياء، او شخص مجرد أنه أبن حقيقى للرب، فيعتبره بولس أخ له.
خامساً: طلبة بولس
الختامية لكنيسة رومية: [رو 16: 25- 27]
أخيراً ما الذى يطلبه بولس ويتمناه لأهل
رومية، بعد ان اضاء أمامهم نور الحق، إنه يطلب لهم الثبات فى الإنجيل بفعل قدرة
الله، فلقد قاموا وحيوا بسبب الإنجيل، وما احتواه من كرازة بيسوع المسيح، ولذلك
فليس هناك شئ ما يحتاجونه للثبات فيه سوى نفس الموضوع، وهو الإنجيل، ويسوع المسيح.
وهو يفصد بالثبات هنا أن يبقى نور الإنجيل كما هو بدون إضافة من أي فلسفة أو ديانة
أخرى، ويبقوا هم على الولاء والمحبة، والتقدير لنفس البشرى التى وصلتهم، غير
مُتزعزين من المُقلقين، مُتممين كل الواجبات التى يدعوهم لها الإنجيل.
ومن كلمة "الْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ
الْمَسِيحِ" يُفهم جيداً أنه سيظل "يسوع المسيح" المتجسد،
والمقام من الأموات، والجالس الآن فى أعلى السموات، هو موضوع البشارة، والمركز
الذى يجتمع حوله، وبه، وله جميع أولاد الله الحقيقيين.
إعـلان
السـر: (ع 25)
أما "إِعْلاَنِ السِّرِّ الَّذِي
كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ" (ع25)، فهو فى حقيقته
أكثر من سر، فإن التجسد
الإلهى فى يسوع المسيح كان سراً، لم يُعلن لأنبياء العهد القديم، ولا حتى للملائكة
من قبل. كما أن دخول الأمم إلى الإيمان، وقبولهم أمام الله ليكونوا مع يهود
الكنيسة، التى هي جسد المسيح كان أيضاً سراً مخفياً عن الإدراك البشرى. ورغم أن
الأنبياء قد تنبؤا عن عصر ستكون فيه النعمة الإلهية عاملة بطريقة عظيمة، لكن لم
يصل لإدراكهم أبداً أن الإله الذى يعبدونه هم والملائكة، سيتجسد فى هذا العصر، ولا
علموا أيضاً ذلك الوقت المجيد الذى ستنعم فيه البشرية بحلول الله فى الجسد، وكذلك
أيضاً دخول الأمم فى الإيمان، وصيرورتهم أعضاء مع اليهود فى تكوين الكنيسة. كان هذا
سراً مع أن بعض الأنبياء تنبأوا للأمم بأنهم سيعرفون الرب ويعبدونه. لكن لم يتطرق
إلى فكرهم أن الأمم لهم نفس الميراث والإمتيازات مع اليهود. (إقرأ [أف3: 1-6]، حيث
يتكلم بإستفاضة عن هذا السر).
ولكن
كما يقول بولس أن هذا السر أصبح أمراً واقعاً، فقد بُشر للأمم وقبلوا البُشرى.
ولذلك هو مستمر يبشرهم ويعلم أيضاً بأن لهم نصيب فى ملكوت الله فى الكنيسة، وفى
السماء. لقد أطاعوا الإيمان الذى تحدثت عنه الكتب السماوية، أنه سيكون فى عصر
النعمة. ويؤكد بولس أن مناداته هى بناء على أمر الإله الأزلى، اي بحسب وصية الله
النابعة من إرادته، وهو الإله الأزلى، أي الذى له الماضى والحاضر والمستقبل.
تمجيـد
الله: (ع 27)
يعترف بولس بأن الله هو الإله "الْحَكِيمِ
وَحْدَهُ" (ع27)، أي دون الخليقة، فحكمة الله مطلقة لا حد لها، ومع ذلك
فقد كان للبشرية فرصة لن تتكرر، وهى تجسد حكمة الله فى أبنه يسوع المسيح. كما قال
الكتاب فى موضع آخر أن: "الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا
حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً" (1كو1: 30). ولذلك
فلا يسع بولس إلا أن يُسبح الله مُعلناً أن "لَهُ الْمَجْدُ إِلَى
الأَبَدِ". وبهذا يختم بولس رسالته بتمجيد الله. آمين.
ماذا طلب بولس من أهل رومية أن
يقدموه لـ"فيبى"، وما الأسباب التى أستند عليها فى طلبه هذا؟
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ما الذى تميزت به حياة "أكيلا
وبريسكلا"؟
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ما هى عينات المؤمنين الذين كانت
تحية بولس لهم بمثابة تقدير لهم؟
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
حذر بولس أهل رومية فى نهاية
رسالته من فئة معينة؟
ما هي؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ما سياستها التى تتبعها؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ما الذى نحتاجه لنتحصن ضدهم؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
لماذا أهتم بولس بنقل تحية
العاملين معه إلى اهل رومية؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ما هى طلبة بولس الأخيرة لأهل
رومية؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
إرسال تعليق